الخميس، 8 أغسطس 2013

عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد



هذا الشعر للمتنبي
فقط بيتين من الشعر يقولان :
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل
وَهذا دُعاءٌ لَوْ سكَتَّ كُفِيتَهُ           لأنّي سألْتُ الله فيكَ وَقَدْ فَعَلْ
البيت الثاني سهل ولا يحتاج الى شرح ، أما شرح الأول فهو :

عش: من العيش، عش في نعمة سالمة، حتى تفني أعداءك ..
وأبق: من البقاء، وأبق في عزّ مؤبد، حتى تحيىَ أولياءك..
واسم: من السموّ، أي أعل على كلّ الملوك بالقهر والغلبة..
وسُد: من السيادة، وسُد أهل زمانك بالكرم والفضل والشجاعة..
وجد: من الجود، وجُد بعطائك على أوليائك..
وقُد: من قَوْد الخيل، وقُد الجيش إلى أعدائك..
ومر: من الأمر، ومُر مسموعاً أمرك..
وأنه: من النهى، وأنه غير مخالف نهيك..
ورِ: من الورى، وهو داء في الجوف، يقال: وَرَاه اللّه..
وفِ: من الوفاء،وفِ لأوليائك بإحسانك إليهم، وبنعمك عليهم..
وأسر: من سرى يسرى، وأسرِ إلى أعدائك بجيوشك لتستأصلهم..
ونِل: من النيل، وهو العطاء، ونل ما تبغيه بسعدك، وإقدامك وتأييدك، لأنك مؤيَّد بالنصر..
وغظ: من الغيظ، وغِظ بظهورك من يحسدك..
وأرم: من الرمي، وأرم ببأسك من يخالفك، وصب من تعتمده برميك..
وصب: من صاب السهم الهدف يصيبه صيبا، أي أصِب رئاتِهم بإيجاعك لهم..
وأحم: من الحماية، وأحم ذمارك، بهيبتك وببأسك،
واغز: من الغزو..
وأسب: من السَّبي، وأسب بجيوشك حريم أعدائك..
ورع: من الروع، وهو الإفزاع..
وزع: من وزعته، إذا كففته، وزع: أي كفّ بوقائعك مسلطهم..
ودِ: من الدية، أحمل الديات متفضّلاً على تبعك وحشمك..
ولِ: من الولاية، ولِ الأمصار مشكوراً في ولايتك..
وأثن: من ثنيته، وأثن الأعداء عنها بحمايتك..
ونل: من نلته أنوله، إذا أعطيته..

السَّـيْـفُ أَصْــدَقُ



لعل من أهم واشهر بيوت الشعر التي قرأتها هو البيت الذي قاله أحد أمراء البيان ، الشاعر الحوراني الشهير حبيب بن أوس بن الحارث الطائي .."  أَبو تَمّام " في فتح عمورية ، والذي اعتدنا على ترديده كما يلي :
السَّـيْـفُ أَصْــدَقُ ((  أَنْـبَــاءً  )) مِـــنَ الـكُـتُـبِ    فِـي حَــدهِ الـحَـدُّ بَـيْـنَ الـجِـد واللَّـعِـبِ
بينما وجدته في بعض المراجع كما يلي :
السَّيْفُ أَصْدَقُ  (( إِنْبَاءً  )) مِنَ الكُتُبِ       في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
وفي مرة من المرات أستشهدت به أمام أحد المهتمين بالشعر ، وقرأته بالقراءة التي تعودت عليها ، فقال لي ليست هكذا قراءته انما هكذا :
السَّيْفُ أَصْدَقُ  (( إِنْ بَانَ )) مِنَ الكُتُبِ     في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
أي بمعنى إن خرج السيف من غمده أصدق من أي كلام منطوق أو مكتوب ، فوَجتني أميل لرأيه أكثر ، لأنني رأيت فيه معنى أدق وأضح ، كما أن الوزن لم يتغير  .. والله أعلم ..

مقتل أبو الطيب المتنبي



للأسف الشديد أن بعض الأبناء قد لا يجلب الخير لأهله ، بل ربما أن بعض البعض هذا يكون سببا في هلاك أهله ، سواء كان بقصد أم بغير قصد ، ولعل احد هذه الأمثلة الصارخة في " التاريخ الأدبي " هو تسبب " محسد ابن أبو الطيب المتنبي " في هلاك والده ..


والظاهر أن الموقف الصريح الذي وقفه " الأبن من أبيه " في تلك اللحظة ، مستنداً على ما قاله وتعلمه من الأب ، ساهم في مقتله ، بالتأكيد بدون قصد هنا ولا نية ، لاستحالة وجود أي احتمالية أن تكون هناك رغبة أو منفعة دنيوية له في مقتله ، لكن .. هذا يبقى أحتمال ، والأحتمال الاخر قد يكون فيما قاله الشاعر في ذلك البيت الذي أعجزه عن التراجع ، والذي ذكرّه به ابنه  ..

حيث تتلخص الرواية التاريخية الأشهر في أن الشاعر " أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الملقَّب بأبي الطيّب المتنبي " كان قد هجا " ضبة بن يزيد الأسدي العيني " بقصيدة شديدة مطلعها : 

مَا أنْصَفَ القَوْمُ ضبّهْ  وَأُمَّهُ الطُّرْطُبّهْ
وَإنّمَا قُلْتُ ما قُلْـ   ـتُ رَحْمَةً لا مَحَبّهْ

فلما كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة ، وكان في جماعة ، منهم ابنه " محسد وغلامه مفلح " ، لقيه " فاتك بن أبي جهل الأسدي " في الطريق ، وهو خال " ضبّة " ، وكان في جماعة أيضًا. 

فاقتتل الفريقان ولما ظفر فاتك بـ " أبو الطيب المتنبي " أراد الأخير الهرب فقال له ابنه..اتهرب وأنت القائل :
الخيل والليــل والبيداء تعرفني    والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فرد عليه بقوله .. قتلتني قتلك الله .. ثم قاتل حتى قُتل وابنه " محسد وغلامه مفلح النعمانية " بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد ..



ولاندري إذا ما كان هذا البيت هو السبب الحقيقي في مقتله ، أو أن السبب كان بما أظهره من فحش في هجاء ضبة ..!؟

فهل نستطيع القول بأن المتنبي لم يحفظ لسانة ولم يحسب مسؤلية النطق التي أدت الى ازهاق روحة وروح ابنة ومن معه ، وذهاب جميع امواله ، أم أن التربية المتوازنة لابنه التي جعلته يقف الموقف الصريح والواضح من ابيه بضروة أن يلتزم بما يقول حتى لو أدى ذلك الى الموت ..!؟