للأسف
الشديد أن بعض الأبناء قد لا يجلب الخير لأهله ، بل ربما أن بعض البعض هذا يكون
سببا في هلاك أهله ، سواء كان بقصد أم بغير قصد ، ولعل احد هذه الأمثلة الصارخة في
" التاريخ الأدبي " هو تسبب " محسد ابن أبو الطيب المتنبي " في هلاك والده ..
والظاهر
أن الموقف الصريح الذي وقفه " الأبن من أبيه
" في تلك اللحظة ، مستنداً على ما قاله وتعلمه من الأب ، ساهم في مقتله ، بالتأكيد بدون قصد هنا ولا
نية ، لاستحالة وجود أي احتمالية أن تكون هناك رغبة أو منفعة دنيوية له في مقتله ،
لكن .. هذا يبقى أحتمال ، والأحتمال الاخر قد يكون فيما قاله الشاعر في ذلك البيت الذي أعجزه عن التراجع ، والذي ذكرّه به ابنه ..
حيث
تتلخص الرواية التاريخية الأشهر في أن الشاعر " أحمد
بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الملقَّب بأبي الطيّب المتنبي
" كان قد هجا " ضبة بن يزيد الأسدي العيني "
بقصيدة شديدة مطلعها :
مَا أنْصَفَ القَوْمُ ضبّهْ وَأُمَّهُ الطُّرْطُبّهْ
وَإنّمَا قُلْتُ ما قُلْـ ـتُ
رَحْمَةً لا مَحَبّهْ
فلما
كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة ، وكان في جماعة ، منهم ابنه " محسد وغلامه مفلح " ، لقيه " فاتك بن أبي جهل الأسدي " في الطريق ، وهو خال "
ضبّة " ، وكان في جماعة أيضًا.
فاقتتل
الفريقان ولما
ظفر فاتك بـ " أبو الطيب المتنبي
" أراد الأخير الهرب فقال له ابنه..اتهرب وأنت القائل :
الخيل والليــل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فرد عليه بقوله .. قتلتني قتلك الله .. ثم قاتل حتى قُتل وابنه " محسد وغلامه مفلح النعمانية " بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد ..
ولاندري إذا ما كان هذا
البيت هو السبب الحقيقي في مقتله ، أو أن السبب كان بما أظهره من فحش في هجاء ضبة ..!؟
فهل
نستطيع القول بأن المتنبي لم يحفظ لسانة ولم يحسب مسؤلية النطق التي أدت الى ازهاق
روحة وروح ابنة ومن معه ، وذهاب جميع امواله ، أم أن التربية المتوازنة لابنه التي جعلته يقف الموقف
الصريح والواضح من ابيه بضروة أن يلتزم بما يقول حتى لو أدى ذلك الى الموت ..!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق